أحذروا توطين الإرهاب، و واجهوا تشويهه! … بقلم / رمضان عبد السلام
أحذروا توطين الإرهاب، و واجهوا تشويهه! … بقلم / رمضان عبد السلام
مات بوش الكبير . حين قدم بوش للرئاسة كان العالم في آخر خطوات الخروج من نظام عالم الحرب الباردة ، إلى ما سماه بوش و عصبته الأميركية النظام العالم الجديد…
كانت ساحة افغانستان هي المواجهة الساخنة، الواضحة، في الحرب الباردة، بين قطبي العالم أميركا و السوفييت، و إن بوكلاء . قفز الاتحاد السوفيتي في غفلة أو خدعة إلى منطقة رمادية في جغرافيا النفوذ بين الكبيرين … دفعت اميركا بالسعودي لمواجهة السوفيت . أعانته بخبرتها و معرفتها و هب هو منتخيا بعقاله وسيفه و ماله.. لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية تستثمر أميركا في حروبها .. كل شيء بثمنه.. شغلت مصانع سلاحها و مراكز ابحاثها العسكرية.. .باعت السلاح و اختبرته و طورته و ظل السعودي يدفع التكاليف …
في الحقيقة لم يخسر السعودي غير المال الذي لا يشكل انفاقه الاّ وفاء لنذر الطاعة لحماته إلى قيام الساعة، و هو امر يوجبه الدين كما يقول…
في الأماكن المقدسة استغل السعودي مواسم الحج و العمرة و استعمل وعاظه إحترافهم المعهود في تطويع الدين على ما يخدم هواه، فاستدرج الاف الشباب وزج بهم في حرب افغانستان.
ظل إمام الحرم المكي يدعو للنصر على الإسرائيليين و حتى اليهود منذ ان آلت سدانته للسعودي عام 1926 و لم يصل نداءه حتى إلى الحجاج داخل المطاف حول بيت الله، و لكنه وصل إلى كل الدنيا حين تعلق الأمر بغير الإسرائيليين و ببلاد فيها تماثيل بوذا أكثر من الجوامع …
الاف من الشباب العرب تركوا مدارسهم و جامعاتهم و رحلوا تحت اغراء الجهاد، الذي مُنع عليهم أن يعرفوا أن لايكون إلّا في سبيل الله..
انهزم الإتحاد السوفيتي في افغانستان و كسبت أميركا و السعودي إلى حين ، و لكن صار الالاف من “المجاهدين” بلا واجبات …
بين اعلان بوش الكبير النظام العالمي الجديد و اصطدام طيارات “المجاهدين” الذين رباهم هو و السعودي بجمّته ، و ما تلاها من عمليات تفجير تبناها خريجوا الجهاد الافغاني كان الغرب قد قرر محاربة ما اسماه بالإرهاب الإسلامي..
الإرهاب هو اكثر ما شغل العالم منذ انفراد اميركا به بموجب ” النظام العالمي الجديد” كما اسمته …
لكن هل هذا المسمى صحيحاً؟ هل إطلاق مسمى الإرهاب على عمليات التفجير و ما إليها صحيح؟
آية واحدة من القرءان كافية للتدليل عن ان ما يوصف حالياً بالإرهاب هو ليس إرهابا ، بل ترويع و رعب أو “إرعاب”.. و هو لا يقره الإسلام …
وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) من سورة الأنفال .. قرءان
أقرب شيء للمقصود بالإرهاب هنا هو deterrent ، او الردع ، الكلمة ذات الأصل اللاتيني تقريبا …
ظل مصطلح deterrent جزءً من اشتقاقات الحرب الباردة و ظل السباق النووي بين القطبين هو هذا الردع ، اما مصطلح terrorism الذي يقابله الغرب لمفهوم أو معنى الإرهاب فهو الترويع و الرعب و ليس الإرهاب ..
لكن المسلمون إنساقوا وراء الغرب و ما يريد فشوهوا لغتهم و دينهم من أجله..
حتى بعد ان قبل العرب هذا التوصيف و التشويه للإرهاب لم يقبل الغرب بتحديد مفهومه .. في نظر الغرب الدفاع عن النفس أو القتال من أجل الحرية او مواجهة الظلم إرهاب، مالم يكن منه …
الفلسطينيون إرهابيون و الكورسيك و الباسك و الأيرلنديون كذلك ، لكن من يقمعهم حد القتل و يغتصب أوطانهم ليس إلا حرا..
استثمر الغرب الإرهاب في الحرب الباردة إلى أقصى ما يريد ، و حين إرتد إليه قرر توطينه من حيث نشأ ، فكانت حربه على الإرهاب هي تورية لتوطينه حيث تربّى و ليس محاربته كما ادعى ، و هكذا في السنوات من 2001 حتى الآن نقل الغرب معركته عندنا و ابقى عليها مشتعلة …
يجب ان يدرك العرب قبل المسلمين أن معركة محاربة الإرهاب التي اطلقها الغرب و يرعاها هي بقصد توطينه في بلدانهم . عليهم أن يتفطنوا لهذه الحقيقة و أن يتصدوا للغرب ..
سيجني الغرب من هذه المعركة ما يريد .. سيبيع سلاحه و يطوره و سيشوه ديننا و يبقينا تحت عفسته ، بواسطة واهم ما زال يعتقد أن العلم هو ما احتواه خرجه فقط ، و أن الدعاء يُسقط الواجب !!